طائرات الإنقاذ

{ المصدر : الموسوعة التوثيقية الكبرى لفتوى الدفاع عن عراق المقدسات }

لا مناص لولا دور المرجعيّة.. فقد كانت رايات الدواعش السوداء منتشرة على طول محيط ناحية آمرلي الواقعة في قضاء طوز خورماتو في محافظة صلاح الدين بعد أن فرض تنظيم داعش الارهابي سيطرته على الموصل وصلاح الدين بالكامل.

لكنّ أهالي آمرلي لم يستسلموا للعدو وقاموا بنصب ساتر على طول محيط مدينتهم مستفيدين من آليات البلديّة وهمم الرجال العاليّة، وتقدّم الابطال لصدّ الهجوم وحصل اشتباك على جانبي الساتر وكان الرصاص ينهمر كالمطر؛ فأصيب بعض المقاتلين بجروح، ولكنّ العدو لم يتمكن من اقتحام المدينة على الرغم من المحاولات الكثيرة، واستطاع الابطال الصمود أكثر من اربعة وثمانين يوماً إلى حين وصول القوات الامنيّة والحشد الشعبي.

في أيام الحصار كان المقاتلون يشكون من قلّة المواد الغذائيّة ويخشون نفاد الذخيرة؛ فتحركت المرجعيّة العليا في النجف الاشرف ودعت إلى انقاذ آمرلي واتصلت بالقيادات الامنية تطالبهم بإيجاد الحلول بأسرع ما يمكن؛ فبادر عددٌ من رجال الدين إلى جمع السلاح والعتاد والمواد الغذائيّة لأهالي آمرلي.. كان الدور الابرز للّواء (خالد الياسري) من مركز العمليات الوطني الذي طالب بأرسال المساعدات عن طريق الطائرات المروحيّة.. تم تجهيز الطائرة المروحيّة وقد لفّت المساعدات بشكل محكم وجيء بمظلات كبيرة (برشوت) اعدّت خصيّصاً لعملية إنزال المؤنة في آمرلي.

اقلعت الطائرة وعند وصولها إلى آمرلي تعرضت إلى نيران كثيفة من قبل الدواعش وبسبب مهارة الطيّار لم يستطيعوا اصابتها، وحصل اتفاق بين القادة في مركز العمليات وبين أهالي آمرلي عبر الهاتف النقال على تحديد مكان إنزال المعونات وتمت عملية الانزال بنجاح؛ فاستبشر أهالي آمرلي وارتفعت معنوياتهم وواصلوا الصمود وعززوا دفاعاتهم بالأسلحة والعتاد على طول الساتر المحيط بالمدينة.

بعد نجاح هذه العمليّة استمر تقديم المساعدات إلى آمرلي وتواصلت الطلعات الجويّة في بعض الايام الى أكثر من عشر طلعات على الرغم من محاولات الدواعش إسقاطها ولكنّهم لم يفلحوا في ذلك ابداً.

بعدها جاءت المرحلة الثانية وهي انقاذ الاطفال والنساء واخلاؤهم من المدينة؛ فهبطت الطائرة المروحيّة المخصصة لذلك وتدافع الناس للصعود اليها؛ فتمّ ابلاغهم بانّ الاخلاء للأطفال والنساء فقط فاستجابوا لذلك وخلال دقائق امتلأت الطائرة.

وقبل أن تقلع وإذا بإحدى الامهات ترمي ولدها في حجر الطيّار؛ الذي فوجى بذلك وقال لها: ماذا افعل به؟! فردّت عليه اعتني به فانّ نجونا سنأخذه منك والّا فعدهّ ولدك.

عند وصول الطائرة إلى معسكر التاجي أخبر الطياران آمرهما بقصّة الطفل ولحسن الحظ كان معهم ضابطٌ يسكن قريباً من المعسكر؛ فطلب منه الآمر أخذ الطفل ريثما يجدوا له حلّاً.

بعد أسبوع تقريباً وصلت الامّ مع مجموعة اخرى من العائلات التي تمّ اجلاؤها إلى معسكر التاجي وطالبت بولدها؛ وعندما تأكد الآمر من حقيقتها أمر بإحضار الطفل؛ وبمجرّد أن شاهد أمّه حاول أن يلقي بنفسه من يدي الضابط الذي يحمله؛ فانهارت الامّ من شدة الموقف وركضت نحوه واحتضنته باكية.