زفاف الى الجنّة

{ المصدر : الموسوعة التوثيقية الكبرى لفتوى الدفاع عن عراق المقدسات }

جهّزت الأم متطلبات الزواج وملابس العرس، بعد أن وقع نظرها على فتاة جميلة وقالت: أنا متأكدة بأنّها ستعجبه، وإن لم يوافق سأبحث له عن واحدة أخرى حتى يقتنع.

دخل مصطفى إلى البيت وهو يحمل بوجهه ألف كلمة ولا يعرف من أين يبدأ، فسلّم على والدته وجلس إلى جنبها، فقالت له: بني اريد ان افاتحك بموضوع، فردّ عليها: وأنا أريد أن اخبرك عن قرار.

فقالت له: اظنّه هو نفس الموضوع الذي يدور في بالي وسأبدأ أولاً، ولدي العزيز لقد أصبح عمرك 23 عاماً وأنا لا املك سواك فأريد أن افرح بعرسك وقد وقع نظري على فتاة جميلة واعرف أنّها تناسبك وقد رتّبت كلّ شيء سوى موافقتك والذهاب إلى أهلها.

فردّ عليها منبهراً: أمي أنا في وادٍ آخر، لقد جئت لأخبركِ بانّي سألتحق بصفوف الحشد الشعبي دفاعاً عن الوطن والمقدسات.

فقالت له وهي ترتعد: ولدي أنت تعلم بأنّ ليس لي أملٌ في الدنيا غيرك، لقد انفصلت عن والدك حينما كنت جنيناً في بطني وبعد ولادتك نذرت نفسي لك وقلت هذا رزقي من الدنيا ولم أتزوج بعدها فهو مسؤوليتي في هذه الدنيا.. والآن تريد أن تموت وتتركني وحيدة!!

فقال لها: أعلم ذلك يا أمي، ولكن المقدسات في خطر.

فأخذت تجاذبه أطراف الحديث لعلّها تثنيه عن قراره، ولكنّه كان يردّ عليها قائلاً: المقدسات..

فرأت الأم أن هذا الكلام كبير، وبقيت تنظر إليه محتارة، لا تستطيع منعه، ولا تريد أن تقول إنا ساخطة كي لا يقع بالعقوق، فقالت: بني مصطفى اعندي غيرك؟

فقال لها: ليس لك غيري، ولكنّ المقدسات تدعوني فاطلب منك السماح.

التحق مصطفى بجبهات القتال ملبياً النداء ونزل بإجازة، وكانت أمّه فرحة بعودته سالماً واستقبلته من باب الدار، ثم التحق مرّة اخرى وعاد أيضاً؛ ففرحت جداً واستقبلته مسرورة.

عندما اراد الالتحاق هذه المرّة شعرت بالخوف واحسّت بان أمراً ما سيحدث له واخذ قلبها بالخفقان؛ فحاولت منعه، لكنّه لم يقبل وقال لها قبل أن يخرج: ارجو أن لا تكوني ساخطة، واطلب رضاكِ بعد رضا الله تعالى.

فذهب في سبيل الله وجاؤوا به شهيداً مضرجاً بدمه؛ فنظرت إليه وهي مندهشة وقالت: كم كنت متشوقة ليوم زفافك وارى الحنّاء بيدك، ولكنّك ابيت إلاّ أن تكون الحناء من دمك ويكون زفافك في الجنّة.

بعد أن مضى على استشهاده أربعين يوماً حملت ملابس العرس ومستلزمات الزفاف التي كانت قد جهّزتها وذهبت بها إلى قبره.