صمود حتّى مطلع الفجر
مع سكون الليل وهدوء الاصوات وغفلة الخلائق بين السنة والنوم، استغلّ العدو الظلام الدامس ليقوم بشنّ هجوم مباغت كنّا 31 مقاتلاً نرابط في الصقلاويّة عند الساتر الخلّفي مع قوات الحشد الشعبي، ما أن حصل التعرّض حتى جاء النداء فهبّينا لإغاثة اخوتنا فوجدنا أن العدو لا يفصله عنهم سوى شارع معبّد عرضه (6) أمتار، وكان التراشق بالقنابل اليدويّة لشدّة القرب، والرصاص يتساقط كالمطر على جانبي الجبهة واحمرّ الجو وزال الظلام بسبب النيران، التحقت، ورأيت المقاتلين على الساتر الامامي مندفعين وصامدين وكلّهم عزيمة وبسالة.
كنت اقاتل وأنا ارتدي البزّة العسكريّة واعتمر العمامة واحمل بندقيّة قديمة وسيّئة جداً، ومع اشتداد المعركة توقف سلاحي عن الرمي؛ فبقيت مرابطاً في مكاني لأنّي اعرف التأثير الكبير الذي تتركه العمامة في انفس المقاتلين فهي تعطيهم الاصرار على التصدي والثبات في المعركة بحيث أرى بعضهم يمتثل للعمامة أكثر من اطاعته للأوامر العسكرية.
استمرّ القتال من الساعة الثانية حتّى السادسة صباحاً، وما أن ذهب الليل بظلمته ووحشته وجاء النهار مبصراّ بضيائه ورحمته ومع صمود المقاتلين هربت خفافيش الظلام تجر وراءها اذيال الخيبة صارخة بالويل والثبور.