طالب في جبهات القتال
تم فتح مراكز تدريب لقوات الحشد الشعبي في محافظة ميسان فالتحق بها (منتظر حسن حميد البهادلي) وكان في وقتها طالباً في السادس الاعدادي.
بعد اكمال التدريب التحق بقطعات الحشد الشعبي المرابطة في سامراء.
طوال مدة مرابطته في سامراء كان ينشر صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي ويحث المؤمنين على زيارة الامامين العسكريين ويخبرهم انّ الامن مستتب فلا تخافوا من داعش ولا تحزنوا ولتقرّ أعينكم ما دامت أعين الحشد الشعبي ساهرة في سبيل الله.
بعدها عاد الى أهله ثم شارك باستعراض الحشد الشعبي الذي اقيم في النجف الاشرف في الثامن والعشرين من حزيران سنة الفين وستة عشر، ثم في التاسع من ايلول للسنة نفسها التحق ليرابط مع قطعات الحشد الشعبي في منطقة الرحاليّة غرب الانبار وكان واجبهم حماية زوار الامام الحسين في شهر محرم، وبعد عشرة أيام أي في التاسع عشر من نفس الشهر عاد ليشارك في الزيارة الاربعينيّة.
بعد اكمال اداء الزيارة ذهب لمراجعة الجامعة إذ إنّه قد تخرّج من الاعدادية في ذلك العام وكان قبوله في جامعة ميسان كلية التربية الاساسيّة، وبسبب انشغاله في جبهات القتال وعدم مراجعته الكليّة؛ وجد اسمه قد أهمل! ولكن عندما شرح لهم وضعه قرر قبوله ولكن وضعوه في قسم لا يرغب فيه وهو (قسم معلّم الصفوف الاولى)؛ لأنّ الاقسام الباقية لم يبقَ فيها مقعدٌ شاغرٌ.
استمرّ في دراسته في الجامعة مع استمراره في الذهاب إلى قطعات الحشد الشعبي، ففي الاول من ايار عام الفين وسبعة عشر التحق إلى سامراء مع مجموعة الشيخ حيدر الانصاري (ممثل المرجعيّة العليا في ميسان)، وكان في سامراء يعمل في خدمـــة المقاتلين فضـــلا عن مرابطتـــه في الســـاتر اوقات الواجـــبات، إذ انّه كـــان يقوم بحلاقة مقاتلي الحشـــد الشعبي في فترة الاستراحة.
بعد عودته إلى الجامعة وجدهم يؤدّون امتحانات نهاية السنة وقد تخلّف عن اداء امتحانين بسبب وجوده في سامرّاء، وبعد اكمال الامتحانات جاءت نتيجته مكملاً بمادتين ويجب عليه اعادة امتحانهما في الدور الثاني.
في الثاني من آب عام الفين وسبعة عشر ألتحق مع فرقة العباس القتاليّة لتحرير تلّعفر، وكان التحاقهم الى تلعفر بمعنويات عالية جداً على الرغم من كون اغلبهم من الشباب الذي لم يشارك بالحروب من قبل فضلا عن انهم قد
وصلوا إلى تلّعفر بعد رحلة طويلة ومتعبة لكنّهم لم يجدوا مكاناً يتّسع لهم بسبب الاعداد الكبيرة القادمة إلى المنطقة؛ مما اضطرهم لنصب الخيام في الشارع كي يستريح فيها المقاتلون.
كان هذا أول اشتباك حقيقي يشارك به (منتظر البهادلي)، إذ إنّه طيلة تلك الايام التي رابط فيها لم يحدث ضّدهم عليهم تعرض او يقوموا بهجوم على العدو، لكنه في تلّعفر وجد المدفعية تدك اوكار العدو والنيران تتصاعد والقنص مستمر من قبل الدواعش على قطعات الحشد الشعبي، وقد انقطعت عنهم الامدادات لمدة يومين بسبب زخم الحرب، بعدها تمكنت قطعات الحشـــد الشعبـــي والقـــوات الامنيـــة مـــن معالجة الموقف وتم فتح الطريق وجاءت سيارات الدعم اللوجستي وقد زارهم وفد من العتبـــة العباسية برئاســـة امين العتبة السيد أحمد الصـــافي للاطلاع على سير الحرب في تلّعفر.
دخل (منتظر البهادلي) مع فوج النخبة التابع لفرقة العباس القتالية وكانت مهمتهم فتح الثغرات في صفوف العدو لتقوم القوات الاخرى في شنّ الهجوم ومسك الأرض، فكان يعيش أجمل اوقاته مع اصوات الانفجارات وازيز الرصاص ويشعر بلذّة الانتصار.
في أثناء المعركة تسللت مجموعة من الدواعش واختبأوا في المحلات القريبة من قوات فوج النخبة ولم يشعروا بهم، لكنّ بسبب وجود الدبابة الاليكترونيّة تم كشف مكانهم وقصفهم فقضوا عليهم.
كانت الاشتباكات عنيفةً والدواعش قريبين جداً وفي احد الايام حاصر الدواعش مجموعة منتظر البهادلي وعزلوهم عن القطعات فبقوا حتّى منتصف الليل محاصرين ولم يذوقوا الطعام خلالها وفي أثناء ذلك وبينما هم محاصرون اتصل أحد اصحاب منتظر البهادلي ليخبره انّ موعد امتحان الدور الثاني بعد يومين من الآن؛ فتراجعت معنويات منتظر البهادلي، لقد كان محاصراً من قبل الدواعش وقد يُقتل في ايّة لحظة فضلا عن انّه جائع ولم يتناول الطعام منذُ الصباح الباكر ثم يخبرونه بأن موعد الامتحان قريب جداً ولا يعلم كم ستطول مدة محاصرتهم.
شعر احد المقاتلين الذين معه بمأساته فقال له مصبّراً: نحن في فرقة العباس واعلم انّ ابا الفضل العباس لن ينسى أصحابه.
بعد أقلّ من ساعة تمكّنت القوات المساندة من فك الحصار وطرد الدواعش بعمليّة نوعيّة، وبعدها احضروا لهم الطعام والشراب.
في الصباح اخبر منتظر البهادلي آمر الفوج بوجوب نزوله لأداء الامتحان؛ فقال الآمر: لكنّ موعد تبديل الوجبة بعد يومين ولا يمكن أن تذهب لوحدك من دون حماية.
فردّ منتظر: يجب أن اذهب على ايّة حال.
في ذلك اليوم كانت هناك قافلة للدعم اللوجستي تريد الرجوع فقال لهم الآمر: خذوا هذا المقاتل معكم.
فأجابوه: نعتذر لعدم وجود مقعد فارغ في السيارات.
فقال منتظر: سأركب في سيارات الحمل في الخلف إذا لم تمانعوا.
فقالوا: حسناً ولكن الحر شديد وقد لا تتحمل قساوة رياح السموم.
صعد منتظر في احدى سيارات الحمل ووصل إلى أهله بسلام على الرغم من قساوة أجواء الصيف اللاهبة.
بعدها تمكن من اجراء الامتحانين وجاءت نتيجته النجاح، وحصل على كتاب شكر وتقدير من هيئة الحشد الشعبي.
فرح منتظر البهادلي كثيراً ولكن فرحته الكبرى ليست بنجاحة ولا بنجاته من الموت ولا بكتاب الشكر والتقدير بل بسماعه بيان النصر...
فتأثّر الحاضرون من الجيش والحشد الشعبي بما قاله الدواعش ونادى أغلب من كان هناك: [لبيك يا حسين... لبيك يا حسين....].
كان يقف بالقرب منّي ضابط من الجيش العراقي فأردت ان ازيد من حماسة المقاتلين فطلبت منه جهاز المناداة وصحت بصوت عالٍ: لبيك يا حسين... لبيك يا حسين...
كانت هناك اجهزة تنصّت لدى الجيش العراقي كما انّ للدواعش اجهزة مثلها؛ فسمع صاحب وحدة المراقبة أحد الدواعش يقول باللهجة الخليجيّة: [هذا الي يصيح لبيك يا حسين يبه كصولو لسانو].
فلمّا اخبروني بذلك قلت للجنود: نحن من سيقطع السنتهم هذا اليوم.
في تلك الساعات قاتل ابناء الجيش والحشد الشعبي ببسالة وشجاعة فائقة فثبتوا بالمكان حتّى تمكّنوا من صدّ الهجوم واجبروا الدواعش على التراجع ببركة الامام الحسين (عليه السلام).