ومن خبر ضرار بن ضَمُرَةَ الضُّبابِيِّ عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أميرالمؤمنين (عليه السلام)، قال: فأشهَدُ لقَدْ رَأَيْتُهُ في بعض مواقِفِهِ وقَد أرخى الليلُ سُدُولَهُ([1])، وهو قائمٌ في محرابِهِ قابِضٌ على لِحْيَتِهِ يَتَمَلْمَلُ([2]) تَمَلْمُلَ السَّليمِ([3]) ويبكي بُكاءَ الحَزينِ، ويقولُ: يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا، إِلَيْكِ عَنِّي، أَبِي تَعَرَّضْتِ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ! لا حَانَ حِينُكِ([4])، هيْهَاتَ، غُرِّي غَيْرِي، لا حَاجَةَ لِي فيِكِ، قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلاَثاً لا رَجْعَةَ فِيهَا، فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ. آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْـمَوْرِدِ([5]).
[1] ـ السدول: جمع سديل، وهو ما اسدل على الهودج .
[2] ـ يتململ: لا يستقر من المرض .
[3] ـ السليم: الملدوغ من حيّة ونحوها .
[4] ـ لا حان حينك: لا جاء وقت وصولك لقلبي .
[5] ـ رواه باختلاف محمّد بن سليمان الكوفي (ت 300) في مناقب الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) 2: 52، والقاضي النعمان (ت 363) في شرح الأخبار 2: 391، والشيخ الصدوق (ت 381) في الأمالي: 724، وابن عبد البر (ت 463) في الاستيعاب 3: 1108 .