البنيان المرصوص
لمّت الشمس أذيالها وبدأت خطوط الظلام تجتاح المكان بعد نهار صوم طويل من أيام شهر رمضان المبارك.. كنا في عامرية الفلوجة مع رجال الحشد الشعبي.. وكان أغلبهم من أهالي السماوة.. من أبناء العشائر الاصيلة.. كان كلّ شيخ عشيرة منهم آمر فوج أو آمر سرية على أبناء عمومته، وكانوا يرتدون في وقت الاستراحة الملابس المدنيّة (الدشداشة).. حان منتصف الليل.. ليل صيفي صاف السماء فجأة وإذا بالسماء احمرت بلون الرصاص، وارتفعت اصوات الانفجارات ودوي القنابل، لقد شن العدو الداعشي هجوماً على القاطع بدأت صيحات الاستنجاد فصاح المقاتلون: (حيّهم.. حيّهم..) - كانت هذه العبارة متعارفة عندهم للاستنجاد واستقبال الضيف - فارتدى المقاتلون الدروع فوق الملابس المدنيّة وكأنهم لبسوا الدروع على القلوب، وهبّوا مسرعين لصد العدو..
استمر القتال أكثر من ساعة وحاول العدو خائباً اختراق صفوفهم أو دحرهم لكنّهم كانوا كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بغضاً، بعدها انسحب العدو مدركاً شدّة تماسكهم وثباتهم في ساحة الدفاع المقدّس.