بالكاد نجى
توجه الشيخ كرار العكَيلي إلى الانبار للالتحاق بجبهات القتال، ولكونه لا ينتمي إلى أيّ جهة من الجهات المشاركة في المعركة فبمجرّد أن يجد مجموعة من المدافعين عن الارض والمقدسات ينخرط معهم بالقتال بعد أن يعرّفهم بنفسه ويبرز لهم الاوراق الثبوتيّة الدالّة على جواز حمل السلاح والدفاع عن الوطن الصادرة من جهات رسميّة، علماً إنّ كلّ مصاريفه كانت من امواله الخاصّة.
في هذه المرّة كان الشيخ يشعر بالتعب الشديد فما ان وصل إلى نقطة تابعة للحشد الشعبي متاخمة للعدو حتى كشف لهم عن هويّته ودخل إلى بيت كان المرابطون بالقرب منه وغطّ في نومٍ عميق.
في منتصف الليل استيقظ على ضوء مصباح لداعشيٍّ يقف أمام وجهه، كان سلاحه الى جانبه فالتقطه بسرعة وأطلق النار على الداعشي وارداه قتيلاً، ثم نهض من مكانه يبحث عن مقاتلي الحشد الشعبي الذين كانوا معه فلم يجد منهم أحداً فخرج مسرعاً واستقلّ سيارته.
ما أن تحركت السيارة حتى وجدها تسير في وسط موكب للسيارات تابع للدواعش، ولحسن الحظ لم يكن الشيخ معتمراً العمامة فلم يتعرّفوا عليه.
بعدها قطع الموكب مسافة طويلة عبر الصحراء واخذ يبتعد عن الجبهة متّجهاً إلى المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش؛ فخفف الشيخ سرعة سيارته بحيث لم تبق وراءه سوى سيارتين من سيارات الموكب وقفز من السيارة وصرخ بأعلى صوته: (روافض.. روافض..) لكي يوهم العدو، لكنّهم احسّوا به وأخذو يطلقون النار عليه وهو يركض بأقصى سرعته مستفيداً من ظلام الليل الحالك ويستغيث بالسيّدة الزهراء (عليها السلام)، وبلطف الله لم تصبه رصاصاتهم.. ولأنّهم كانوا متجهين إلى أمر مهم يبحثوا عنه.
كان سبب عدم وجود مقاتلي الحشد الشعبي المرابطين في المكان هو انسحابهم عن النقطة بعد حصول تعرّض عليهم من قبل العدو، ولأنّ الشيخ كرار العكَيلي كان متعباً جداً من سفره الطويل لم يستيقظ إلّا عند دخول الداعشي عليه.
بعدما تخلّص الشيخ من الدواعش واصل سيره عبر الصحراء طوال الليل، وعند بزوغ الفجر لاحت له بيوت قرية في الافق؛ فاتّجه نحوها واحسّ بالفرج يقترب اليه، وقبيل أن يصل إليها رأى رايات الدواعش السوداء تنتشر هناك؛ فعلم أنها تابعة ألى تنظيم داعش وغيّر وجهته مبتعداً عنها وهو لا يعرف الى اين يسير.
عند الصباح رأى قرية أخرى، ولكن هذه المرّة دقق فيها كثيراً وأمعن النظر فلم يجد أيّة علامة دالّة على داعش اتّجه اليها؛ فاستقبلوه أهلها بحفاوة تدّل على الكرم العربي الأصيل.