فساد الملح
لقد أفسدوا الملح واصدؤوا الورد وسلبوا العزّة والكرامة هذا ما فعله شيوخ المنصّات في ساحات الاعتصام التي يسمونها ساحات العزّة والكرامة، هكذا قال لي الشيخ ماهر رزاق كاطع العبودي، وهو يقلّني بسيارته.
بعد انتهاء واجبي في حزام بغداد إذ كنت ارابط مع قاطع الحشد الشعبي وقفت انتظر سيارة توصلني إلى مقر القيادة ليتم نقلنا منه إلى الديار.
في هذه الاثناء وقفت سيارة صالون وقال السائق: تفضل سماحة الشيخ أنا اوصلك مكان ما تريد. فرفض آمر السريّة وقال له: شكراً جزيلاً، انا سأنادي على سيارة من المقر.
تبسّم السائق وقال له: لا تخف أنه في امان.
فركبت معه وأخذ يتكلم لي عن اوضاعهم في اثناء الطريق، عرفت أنّه طبيب جرّاح وله ابنتان في كليّة الطب قد تركتا الدراسة خوفاً من ان يأخذهما الدواعش للبيعة او لجهاد النكاح، ثم اردف قائلاً: كنت امرّ من هذه الطريق واراك مرابطاً وترتدي الزي العسكري وتعتمر العمامة في هذه النقطة، وعندما نسلّم عليك تردّ بحرارة وكأنّك تعرفنا من قبل، وقد نقلت هذه الصورة الى مجالسنا وقلت لهم: انظروا إلى رجال الدين الذين جاؤوا إلى ساحات المعارك من الوسط والجنوب لا لشيء غير الدفاع عن المقدسات، و قارنوهم بمشايخنا الذين اعتلوا المنصات في ساحات الاعتصامات ماذا فعلوا لنا غير داعش والدمار الذي لحقنا.. لقد اُستبيحت الاعراض وهُدمت المنازل وقُتل الالاف من الرجال ونزحت العائلات ولم تثمر صيحاتهم ولم يتحقق حلمهم بالسلطة.
شيخنا الكريم: أنتم جئتم لتخلصونا من شرّ داعش بينما خطباؤنا لم نحصل منهم سوى الخطابات الرنانة الداعية إلى النفير ضد الدولة والتي جلبت لنا داعش.. والخزي والعار الذي لحقنا كلّه بسببهم، كنّا نعتقد أن رجل الدين الملح الذي يحفظ الطعام من الفساد، ولكنّهم فسدوا وأفسدوا كلّ شيء، كما قال الشاعر:
يقولون إن الملح يصلح فاسداً
فماذا يكون الأمر لو فسد الملح
كنت متابعاً الى حديثه الشيّق ولم اشعر بالطريق، فجاءةً فتوقف فجاءة ليقول لي: لقد وصلنا إلى المقرّ.