انتصار من وحي الصمود
في مدينة الالف شهيد كان يرابط الحاج كريم شاكر محمود العبيدي البلداوي مع ولده محمد، تلك المدينة التي لا تبعد سوى مائة أو مائة وخمسين متر فقط عن خطوط الدواعش.. أنّها مدينة بلد الصامدة.
كانت المدينة محاصرة من جميع الجهات وكانت خطوط الامداد تفتح فيأتي الدعم ويرجع الدواعش للسيطرة عليها فتحاصر المدينة من جديد ثم تفتح وهكذا دواليك، لكنّ سكّان المدينة لم يستسلموا بل صمدوا وواجهوا العدو بكلّ ما اوتوا من قوّة، وحتى النساء كن يشاركن بالمعركة بل حتى الاطفال كانوا يقومون بنقل العتاد والطعام للمقاتلين، وقد هبّ الرجال من وسط وجنوب العراق لنجدتهم حتى النصر.
في أحد الايام بعد وصول قوات الدعم قادوا هجوماً لاستعادة بعض النقاط المحوريّة التي سيطر عليها العدو، وكانت القوات متمثلة بـ(قوات الحشد الشعبي ولجنة الارشاد والتعبئة التابعة للعتبة العلويّة وقوات الشرطة الاتحاديّة) فضلا عن رجال بلد الشجعان.
كانت المعركة عنيفة فأزيز الرصاص يحمل معه انباء الموت في كل مكان، واصوات القنابل تبث الرعب، والانفجارات كأنّها تحرث الارض من تحت الاقدام، كان الحاج كريم البلداوي صاحب الخمسين عاماً يقاتل الى جنب اخوته غير مكترث بالحرب ولا مبالي بالموت إذ كان شعاره (الموت بالعز أشرف من الحياة بالذل والهوان) وبينما هو يرسل الموت من سلاحه نحو الاعداء وإذا برصاصة اصابته فخرّ إلى الارض شهيداً، ومع اشتباك المعركة وتخالف الرصاص قام المقاتلون بإخلائه إلى الساتر، فلمّا سمع ولده محمد بذلك جاء يركض ولم يحمل أبوه أو ينحني باكياً، بل اخذ البندقيّة من الشيخ محمد البلداوي وعبر الساتر مشاركاً اخوته بالهجوم وكان يقاتل ببسالة كبيرة على الرغم من حداثة سنّه وانكسار قلبه الحزين.
بعد تحقيق النصر وانهزام الدواعش قمنا بإخلاء الجرحى ونقلهم إلى المستشفى ثم عدنا إلى وسط المدينة لتشييع الشهيد الحاج كريم البلداوي من المسجد إلى مثواه الاخير.