مصرع البراءة والانسانيّة

{ المصدر : الموسوعة التوثيقية الكبرى لفتوى الدفاع عن عراق المقدسات }

دمعت عيناه واشتد غيظاً.. فهو أب عطوف لا يقدر أن يرى صور الاطفال وهم يقتلون بالسيارات المفخخة التي يبعثها الدواعش، كانت القنوات المتلفزة والصحافة الصفراء تنقل صور اشلاء الاطفال المتناثرة بعد كلّ تفجير يقدم عليه داعش في عموم العراق، وكان (أبو علي الموالي) يزداد ألماً كلّما شاهد تلك اللقطات.

 بعد صدور الفتوى المباركة من المرجعيّة العليا للدفاع عن أرض المقدسات نهض أبو علي الموالي ملبّياً النداء.

التحق في أول الامر إلى معسكر أشرف لتلقّي بعض التدريبات العسكرية ثم شارك في تحرير ناحية العظيم التابعة إلى قضاء الخالص شرق محافظة ديالى. استمرّت عملية تحرير العظيم لعدّة ايام فقد كان الدواعش مسيطرين عليها تماماً ويعرفون جغرافيتها جيداً لأنّ أكثرهم من أبناء المنطقة فكانوا يهجمون على قطعات الحشد الشعبي من بين المزارع والبيوت المتناثرة وقد حفروا المواضع وشقّوا طرقاً استراتيجيّة عبر المزارع.

بينما كانت قطعات الحشد الشعبي تفتقر إلى الخرائط ولا دراية لها بالمنطقة، وكان عمدة ما يتحلّون به الشجاعة والبسالة وفتوى الدفاع المقدّس التي حطمت كلّ الحصون وانجزت المعجزات.

ومع اشتداد القصف بين الجانبين وتعالي أصوات القذائف وتناثر الرصاص كالمطر خرجت من أحد المنازل التي في جهة العدو طفلة وكانت تصرخ وتبكي بالقرب من ساتر الحشد الشعبي.

اهتزت مشاعر (أبو علي الموالي) لبكاء الطفلة وتذكّر أولاده عندما خرجوا ليودّعوه ولاحت له صورة ابنته (رقيّة) ذات العشر سنوات حينما خرجت تجري خلفه ودموعها تتلألأ على خديها وقالت له بنبرة حزينة: أبتاه.. من لنا بعدك؟

في أثناء المعركة تصوّر أبو علي تلك الطفلة ابنته الصغيرة؛ فهبّ لنجدتها متجاهلاً القصف ومتناسياً الموت الذي يحيط به من كلّ جانب، فاستطاع الوصول إليها تحت نيران المعركة ولم يصبه الرصاص..

حاول أن يحملها لينقذها انفجرت به فتناثرت اشلاؤه وعرجت روحه المحمّلة بالإنسانية إلى بارئها ليلقى ربّه شهيداً مدافعاً عن الوطن والمقدسات.. كانت الطفلة قد تم تفخيخها..