موسم الصيد
في جوٍّ شتائيٍّ ممطير وسماء ملبدة بالغيوم السوداء شن الدواعش هجوماً شرساً على قواتنا المرابطة في جبال مكحول فحصلت معركة عنيفّة فقدنا فيها بعض الشباب وجرحى البعض الاخر وقد تمكن العدو من اعطاب ثلاث عجلات نوع همر ودبابة برامز واستطاع جنودنا الذين بداخلها من الخروج منها بجروحٍ بليغة.
في خضمّ المعركة اتجه السيد أحمد ليلو الشرع(*) وكان مرابطاً هناك إلى النقيب الذي يقود المعركة وسأله عن الموقف؛ فأجابه النقيب: لا توجد بارقة أمل، لقد سقطت جبال مكحول بالكامل، ونحن الآن محاصرون وليس أمامنا سوى القتال حتى الشهادة.
فقال له السيـــد الشـــرع: مـــاذا عن الامـــدادات العسكريّة وطيران الجيش؟
رد النقيــــــــــب، امّــــــا الامــــــــدادات العسكريّـــة فلـــن تصـــل الينـــا فنحن محاصـــرون وقـــد تـــم قطـــع الطريق الرابطة بيننا وبين القطعات الخلفيّة وإذا مـــا استمـــر الأمر سيكون طريق ســامراء بالكـــامل تحت مرمى نيران العـــدو لأن جبـــال مكحـــول منطقة استراتيجية، وامّا عـــن الطائرات فلن تستطيع الطيران في مثل هذه الاجواء الغائمة والممطرة.
بعدها اتصل السيد الشرع بأخيه الرائد الطيار مرتضى الشرع واطلعه على الأمر؛ فطلب الرائد احداثيات المنطقة؛ فأخذ السيد الشرع الاحداثيات من النقيب وارسلها إلية.
مرّت دقائق عصيبة من القصف المتواصل والمناوشات وكان المقاتلون يدافعون وهم في حيرة من أمرهم لا يعرفون كيف سيكون مصيرهم، بعدها رنّ الهاتف النقال للسيد الشرع وكان المتّصل العقيد عباس من قيادة طيران الجيش وقد ارتبط مع السيد الشرع بعلاقة سابقة بحكم وجود أخيه السيد مرتضى في طيران الجيش، قال العقيد: سيدنا العزيز لقد اتصل بي الرائد مرتضى وأخبرني بما يجري معكم وتم اعداد ما يلزم لذلك، فهل تتمكنون من الصمود لمدة ستّ دقائق؟
فأجابه السيد الشرع: نستطيع الصمود لمدة ساعة كاملة ولكن لا تتركوننا.
فعلاً بعد ستّ دقائق وصلت طائرتان مروحيّتان (هليكوبتر) وبدأتا بقصف العدو بالصواريخ ثم اعطاب جميع آلياته ثم شرعوا بالرمي عليه بالرشاشات، وكانتا تطيران بارتفاع منخفض واثناء التواصل معهم عبر الجهاز اللاسلكي حذّرهم النقيب من الانخفاض كي لا تصلهم اسلحة العدو؛ فردّ الطاقم عليه لو ارتفعنا اكثر لن نتمكّ من تحديد الهدف بسبب كثافة الغيوم.
احتدمت المعركة من الساعة العاشرة صباحاً حتّى الرابعة عصراً وقد ابدى المقاتلون فيها بسالة وشجاعة فائقتين ساعدهم في ذلك الغطاء الجوي الذي وفرته المروحيتان، فتم حسم المعركة ولم يتمكّن أفراد العدو من الفرار بفعل ملاحقة بنادق المقاتلين ورشّاشات الطائرات التي كانت تصطاد فلوله المنهزمة الواحد تلو الآخر.